بعد تواتر الزيارات: هل تنعش السوق العراقية السياحة في جزيرة قرقنة؟
بعد عقود من الجفاء الإعلامي والحكومي، تواترت الاحداث والاخبار بجزيرة قرقنة خلال السنتين الفارطتين بشكل ملفت للانتباه واتجهت انظار المواطن التونسي خلال شهر أفريل 2016 الى الأحداث الأمنية التي رافقت احتجاجات أهالي الجزيرة حيث علقت بأذهان التونسيين صور مدرعات الامن المتفحمة والسيارات الأمنية التي تم القائها في البحر دون الخوض في الأسباب التي دفعت شباب الجزيرة الى هذا التصرف والسلوك المفاجئ.
الأسباب عديدة وتم تداولها بمختلف الوسائل الإعلامية الا انها لم تجد الشخص المسؤول على تفعيلها وتجسيمها بالجزيرة، أهمها غياب مرافق ومنشئات اقتصادية وسياحية قادرة على احتضان الشباب العاطل عن العمل رغم ان الجزيرة تمتلك جميع المقومات لتركيز مركبات سياحية وفضاءات ترفيهية لتصبح على شاكلة جزيرة جربة.
بصيص امل... ولكن ؟
ولكن ما يمكن ان يمثل بصيص الامل لإنعاش الجزيرة اقتصاديا هو التوجه الذي اختارته احدى وكالات الاسفار وذلك بجعل قرقنة ضمن احدى المسالك السياحية للوفود الأجنبية وضبط برنامج كامل لتمضية يوم كامل بين ''الشرافي'' ومتحف العباسية والجولات البحرية سواء بباخرة اللود او بالسفن التقليدية.
هذه الوفود السياحية التي انبهرت بالأجواء الممتعة والطبيعة الخلابة على بساطتها بجزيرة قرقنة بما انها استمتعت باصطياد الأسماك على الطريقة التقليدية والنادرة في العالم وتناولها طازجة على متن مركب الصيد، خيرت البقاء بالجزيرة لتقضية بضعة أيام واكتشاف المناظر الطبيعية والمخزون البيئي الفريد وهو ما أحرج صاحبة وكالة الأسفار منال قوبعة لان قرقنة لا تضم أية فضاءات سياحية كبرى وفخمة. وتجبر على مواصلة المسلك السياحي نحو ولايات مجاورة على امل التفكير في تركيز مركب سياحي فخم.
وأكدت قوبعة ان الوفود السياحية التي اختصت وكالتها في استقدامهم بصفة حصرية يحملون الجنسية العراقية وهو ما يمثل مكسبا للبلاد التونسية باعتبار أن هذه السوق السياحية غائبة تماما عن المشهد السياحي في بلادنا ولكنها تمثل سوقا هامة وواعدة مقارنة بالأسواق التقليدية لتونس على غرار عدد من الدول الأوربية وروسيا وبعض الدول الآسيوية والخليجية مشيرة الى ان السائح العراقي الوافد على البلاد التونسية ينفق بين 2000 و3000 دولار خلال مدة اقامته وذلك في شراء المنتجات التقليدية والعطور التونسية على عكس السائح الأوروبي الذي يكتفي بالخدمات المدفوعة مسبقا بالنزل او زيارة بعض المتاحف والفضاءات المجانية.
اهتمام عراقي رغم النقائص
وما لفت انتباه صاحبة وكالة الاسفار ان جميع الوفود الحاملة للجنسية العراقية أبدت اعجابها بجزيرة قرقنة رغم انعدام المرافق السياحية بها تقريبا بما يؤكد إمكانية تركيز مركبات سياحية فخمة وربطها عبر بواخر سياحية بجزيرة جربة بما يسهل الحركة بين الجزيرتين ويدفع الجانب السياحي والاقتصادي الى جانب تنشيط مدن الجنوب بصفة عامة ودفع القطاع السياحي بها.
لا يختلف عاقلان ان تهيئة جزيرة قرقنة سياحيا وخاصة بعد الزيارات المتكررة لرئيس الحكومة وعدد من أعضاء حكومته صار امرا مفروضا منه لا سيما وان السياحة البيئة أصبحت الوجهة الأولى لعشاق الطبيعة وسكينتها وهدوئها وتجهيز موانئها وشواطئها بقوارب سياحية ومنازل خشبية مثبتة في المياه على غرار جزر المالديف وهواي بالإضافة الى تهيئة مسالك صحية لهواة التجول بالدراجات الهوائية.
كاتب المقال حمدي السويسي